مفهوم العدالة في الفلسفة

كتابة حسن الشهري - تاريخ الكتابة: 13 مايو, 2022 9:53
مفهوم العدالة في الفلسفة

مفهوم العدالة في الفلسفة وكذلك تعريف العدالة الاجتماعية، كما سنوضح مبادئ العدالة ألاجتماعية، وكذلك سنتحدث عن العدالة عند أرسطو، كما سنقوم بذكر أنواع العدالة، وكذلك سنقدم أهمية العدالة، وكل هذا من خلال مقالنا هذا تابعوا معنا.

مفهوم العدالة في الفلسفة

شغلت مفهوم العدالة في الفلسفة منذ القدم العديد من الباحثين والمفكرين، مرةً تكون العدالة مرادفة لكمة الحق، ومرةً أخرى تكون متميز عن الحق بحيث تكون أسمى وأعلى منه، وفي حينٍ آخر بدأت العدالة تتوافق مع القانون، بحيث أنه ينبغي أن يكون القانون متفقًا مع قواعد وأحكام العدالة، ومن جهةٍ أخرى فتعد العدالة معيارًا للتميز بين العدل والظلم، كما يأخذ مفهوم العدالة في الفلسفة والذي يوصف أيضًا بالإنصاف، وينشد بأعلى درجات الحق، حيث يقوم الحق على أساس من العدل القانوني، بالإضافة النص على حقوق الأفراد وحرياتهم، وكثيرًا ما يرد إلى المسامع قول أن القاضي وصل لنتيجة القضية التي بين يديه استنادًا إلى روح القانون، ومعنى ذلك أن القاضي لم يبني حكمه على قوانين الدولة التي بين يديه، ولم يستند على أساس القواعد القانونية والأصول الموجودة والمدوّنة، فمن الممكن أن يكون تجازوها وعمل بخلافها، وهذا لا يجوز بتاتًا، وقد استعمل أولو الرأي والمفكّرون منذ القدم كلمة العدالة بالمعنى الذي يُفهم منه اليوم؛ أيّ بما يشير إليه الأمر من ظلم وعدل، وقد تطرق له ابن القيم بقول: “ما يراه القلب بعد فكر وتأمل وطلب لمعرفة وجه الصواب”، وقد تطورت العدالة عبر فترات زمنية طويلة وتطورت تطبيقاتها، حتى أنّ العدالة أصبحت المبدأ الأساسي لجميع المجتمعات، والمقياس الذي يُبنى عليه جميع العلاقات الإنسانية، والمرجع الأخير الذي يتمّ العودة إليه في جميع الخلافات الناشئة.

تعريف العدالة الاجتماعية

العدالة الاجتماعيّة هي أحد النظم الاجتماعيّة التي من خلالها يتم تحقيق المساوة بين جميع أفراد المجتمع من حيث المساوة في فرص العمل، وتوزيع الثروات، والامتيازات، والحقوق السياسيّة، وفرص التعليم، والرعاية الصحيّة وغير ذلك، وبالتالي يتمتّع جميع أفراد المجتمع بغضّ النظر عن الجنس، أو العرق، أو الديانة، أو المستوى الاقتصاديّ بعيش حياة كريمة بعيداً عن التحيّز.

مبادئ العدالة ألاجتماعية

1- الإنصاف Equity:
الإنصاف من أهم مبادئ العدالة الاجتماعية، ويختلف مفهوم الإنصاف عن مفهوم المساواة Equality، فالإنصاف أو العدالة مبدأ يأخذ بعين الاعتبار الحاجات المتباينة وكيفية تحقيقها للوصول لنتائج متساوية أو للحصول على ذات الفرص، أما المساواة فتعني حصول الجميع على نفس “الحجم أو الكمية”، حيث يعتبر تأمين فرص تعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة تراعي حالتهم؛ من طرق تطبيق مبدأ الإنصاف في العدالة الاجتماعية.
من الأمثلة المهمة على الفرق بين العدالة والمساواة؛ ثلاثة أشخاص بأطوال مختلفة يحاولون الوصول إلى الثمار على شجرة، المساواة في هذه الحالة أن يقف الثلاثة على نفس الأرض -نفس المستوى- بالتالي لن يستطيع الأقصر أن يلمس الثمار، وسيعاني متوسط الطول للوصول إلى الثمار، فيما يتمكن الشخص الأطول من الحصول على الثمرة التي يريدها بسهولة.
أما العدالة والإنصاف تعني أن يتاح لكل شخص الوقوف على مستوى مناسب لطوله ليتمكن الثلاثة من الحصول على الثمار بنفس القدر، أو أن يمتلكوا جميعاً هذا الخيار على الأقل، انظر الصورة أعلاه.
2- الوصول Access:
في الكثير من المجتمعات تجد بعض الفئات أو الجماعات صعوبةً في الوصول إلى الموارد الاجتماعية الأساسية مثل التعليم والطبابة والبيئة، حيث يعتبر مبدأ الوصول إلى الموارد بالتساوي من أهم مبادئ العدالة الاجتماعية، والذي ينادي بوصول جميع أفراد المجتمع وفئاته إلى نفس الموارد بشكل عادل، فعندما يكون التعليم متاحاً لفئات دون غيرها سينعكس ذلك على فرص العمل والأجور والبطالة والفقر للفئات المحرومة.
من السياسات التي تسعى لتطبيق الوصول العادل للموارد؛ التعليم المجاني الذي يزيل العقبات المالية أمام المحرومين، والتنمية العادلة التي تضمن وصول الجميع إلى بيئة مناسبة.
3- المشاركة Participation:
لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية دون إتاحة فرصة المشاركة بصنع القرار للفئات المهمشة أو المحرومة، حيث يجب منح الفئات الاجتماعية الحق بالمشاركة في حلّ مشاكلهم مشاركةً فاعلة، والحق في إيصال صوتهم والتعبير عن أنفسهم، وقد نشهد حالات الإقصاء على مستوى الحكومات واللوائح القانونية، أو على مستوى التعامل المباشر بين الجماعات الفرعية.
4- حقوق الإنسان Human Rights:
احترام حقوق الإنسان شرط لازم لتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث يجب النظر إلى حقوق الإنسان بوصفها ملازمة لجميع الأفراد بغض النظر عن فئتهم الاجتماعية أو الاقتصادية أو حالتهم التعليمية أو انتماءاتهم العرقية والدينية… ويتم ذلك من خلال تقديم حقوق الإنسان على أي اعتبارات أخرى في مختلف التفاعلات الاجتماعية، مثل التقاضي والترشح والانتخاب والطبابة والتعليم.
5- التنوع Diversity:
يعتبر فهم واحترام التنوع من المبادئ الخمسة الأساسية للعدالة الاجتماعية، حيث يسهم الاعتراف بالاختلاف والتسامح الاجتماعي مع التنوع حجر الأساس في تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية الأخرى، كما يضمن فهم واحترام التنوع وصولاً أوسع للفئات المهمشة والمحرومة، وفرصاً أكبر للتبادل الثقافي والمعرفي.

العدالة عند أرسطو

1- الدلالة العامة:
ترمز إلى علاقة الفرد بالمؤسّسات الاجتماعية، أي الامتثال إلى القوانين والتحلّي بالفضيلة، فالإنسان الفاضل هو الذي يمتثل إلى القوانين ويعمل بها، شريطة أن يكون هذا القانون مبنياً على مبدأ الفضيلة، ولا بدّ لنا من الإشارة إلى وجود فرق بسيط بين مفهوم العدالة الكونية ومفهوم الفضيلة، حيث إنّ العدالة الكونية تقتصر على العلاقات بين الأفراد والمؤسّسات، أمّا مفهوم الفضيلة فتنضوي تحته علاقات الأفراد ببعضهم البعض.
2- الدلالة الخاصّة:
تشير إلى ما ينبغي أن يكون عليه سلوك الفرد في تعامله مع غيره من أفراد المجتمع، وهنا تقترن العدالة بالفضيلة باعتبارها جزءاً لا يتجزأ منها، وتدلّ على السلوك الفاضل في شتّى مجالات النشاط الإنسانيّ.

أنواع العدالة

1- عدالة التوزيع:
والمعرفة أيضاً باسم العدالة الاقتصادية، وهي الإنصاف فيما يتلقاه الناس.
2- العدالة الإجرائية:
وهي القرار العادل في التوزيع، أي تحديد المعايير التي يجب من خلالها التوزيع، وبالتالي فإنّ هذه العدالة تؤدي إلى عدم التوزان في التوزيع.
3- العدالة التصالحية:
وهي إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وأبسط شكلٍ لها هو تقديم الاعتذار لصاحب الحق.
4- العدالة الرجعية:
حيث تعمل على مبدأ العقوبات، وتهدف إلى ردع المجرمين عن ارتكاب مخالفاتٍ في المستقبل.

أهمية العدالة

– تحقيق المساواة بين أفراد المجتمع، وهذا بغض النظر عن مركز الشخص أو جنسه أو دينه، وبهذا سوف يتحقق الأمن والأمان للجميع وسيكونون قادرين على العيش والقيام بأعمالهم دون الشعور بالخوف من الظُلم.
– نشر المحبة والأُلفة بين جميع أفراد المُجتمع.
– الشعور بالإنصاف والرضا بين أفراد المجتمع، على عكس ما يمكن أن يُخلّفه الظلم، فتُنتزع صفات الحقد والكراهية والحسد لتحل محلها صفات الاحترام والود.



364 Views